في الثامن عشر من أغسطس لعام 2014، شهدت حياة الخمسيني عطية علي محمد الحزين، تحولًا جذريًا بعد تعرضه لإصابة خطيرة جراء قصف الاحتلال الإسرائيلي لأحد المنازل السكنية قرب النادي الأهلي في النصيرات وسط قطاع غزة. 

كانت البداية صعبة ومؤلمةً بفعل الجروح الجسيمة التي تعرض لها الحزين جراء القصف الإسرائيلي، حيث بدأت رحلة العلاج وإجراء العمليات الجراحية في محاولات متعددة من الطواقم الطبية لعلاج القدم، تنقل فيها بين مستشفيات القدس وغزة بحثًا عن الشفاء. 

وعلى الرغم من كل الجهود المبذولة، لم تكن النتائج المرجوة قريبة، وتم الاستعانة بوفود طبية نرويجية وبريطانية للتدخل وإجراء عمليات جراحية دقيقة للحزين في مجمع الشفاء الطبي بغزة ومستشفى ناصر في خانيونس جنوب قطاع غزة، لعلها تعيد الأمل إلى قلب عطية الحزين، لكن تلك المحاولات لم تكن كافية لاستعادة وظائفه الطبيعية وإنقاذ القدم من خطر البتر الذي يتهددها.

وفي صباح يوم الرابع عشر من مارس لعام 2022، شهدت حياة عطية الحزين تحولًا صعبًا عندما اضطر الأطباء إلى إجراء عملية جراحية لبتر قدمه من أسفل الركبة، خشية حدوث مضاعفات قد لا تحمد عقباها. 

هذا اليوم كان بمثابة عتبة جديدة في حياة الحزين ورحلة العلاج، فقد تحوّلت تلك اللحظة الصعبة إلى نقطة انطلاق جديدة له، لم يكن يدرك أهميتها بعد في حينه. فقد شعر بأنه يعيش في واقع مختلف، إلا أنه لم يفقد الأمل.

مركز الأطراف

في ظل هذه التحديات، انطلق عطية الحزين في مسيرة جديدة لاستعادة حياته الطبيعية مجدداً عبر مركز الأطراف الصناعية والشلل التابع لبلدية غزة. 

فقد توجه الحزين إلى المركز بعد أن علم بوجود فريق طبي وتأهيلي متخصص يسعى جاهدًا لمساعدة وخدمة الأشخاص ذوي الإعاقة والبتر والذين يعانون من صعوبات في الحركة، من خلال برامج نوعية مختلفة، وعبر حلول متقدمة.

أجرى فريق الأخصائيين برفقة الطبيب فحوصات سريرية لعطية الحزين وقاموا بتقييم دقيق لحالته وتحديد أهداف العلاج الفردية، وتم تصميم برنامج علاجي شامل ومخصص بدءًا من برنامج العلاج الطبيعي والدعم النفسي وصولاً إلى التدريب والتأهيل على استخدام الطرف الصناعي بطريقة فعّالة. 

وبدأت رحلة التحدي في اتجاه الشفاء والاستقلالية، وبمرور الوقت، بدأت تظهر نتائج إيجابية على مستويات الجسم والروح، وتحسّنت حالة عطية بشكل ملحوظ، من خلال تحسن العضلات واستعادة القوة والمرونة، وبالتزامن مع ذلك بدأ يعيد حياته مجددًا إلى مسارها الطبيعي، وأصبح قادرًا على المشي باستخدام الطرف الصناعي، وأصبح لديه القدرة على القيام بالأعمال اليومية بكل ثقة واستقلالية، غير أنّ الإنجاز لم يكن فقط على صعيد الجسم، بل امتد إلى تحسين نوعية حياته النفسية.

ولم يكتفِ عطية بالتغلب على الصعوبات الجسدية فقط، بل أصبح قادرًا على تحقيق الاستقلالية والحرية في حياته اليومية.

قصة عطية الحزين تجسّد الإرادة والقدرة على التحدي، والدور الكبير الذي يلعبه مركز الأطراف الصناعية والشلل التابع لبلدية غزة في إعادة الأمل والحياة للأشخاص ذوي الإعاقة والبتر. كما يمثل المركز نموذجًا للمؤسسات الرائدة التي تهتم بتوفير الرعاية الشاملة والعلاج المتكامل، مستندة إلى فريق ذو خبرات عالية.